عاينتُ اليومَ إصابةَ طفلٍ صغيرٍ بمرضٍ خطير في الدّم و كانت اللحظة الأسوء تلك التي اضطُرِرْتُ فيها أن أشرحَ و لوْ نسبيًّا أهميةَ الأمرِ لوالدِه الذي أبى إلا أن يُقنِع نفسَه أنَّ الكدماتَ الزرقاءَ في جسد ابنه هينة ، و تكبّدتُ عناء سماعِ أُم مكلومةٍ تستشيرني هل يجدي نفعًا أنُ تسافر بابنتها التي تُصارعُ السّرطانَ منذُ أربعة سنواتٍ الى فرنسا بعد أن تبيعَ قطعةَ الأرض وما تبقّي من رِزقها أم تُسلمُ الامرَ لله كما أشار الأطباء.. و تمالكتُ نفسي لأُواصل الإصغاء لنحيب أُمٍّ تحمل "قشبية" ابنها المتوفي منذ أيّامٍ لتبيعها و لتتخلّصَ من بُكاء ابنته التي تنهار كلما رأتْها..و ختمتُ دوامي بأخذ عينة دم لامراةٍ تُحتضر وسط نحيبِ أهلها ..
بعد كلّ هذا عليّ الآن تلبيةُ دعوة صديقتي لحفل زفافها : عليّ الإعتراف أن لقائي بالمرآة لأرتّبَ وعثاء العمل أصعب بكثير مما مررتُ به صباحا: شيء ما عالق في حلقي، شيء ما لا يفارقُ ذهني و أنا أُحاول الاسترخاءَ ، وُجوهٌ و رداتُ فِعلٍ تُجاه الفاجعةِ و عبَراتٌ و هوَاجسٌ تزدحمُ في ذهني و أنا أغمضُ جفني لأكتحل، شيءٌ ما يَصُدُّني عن التظاهرِ بأن لا شيء يُعكِّر مِزاجي ,,
لا زلتُ لا أُتقن وضعَ فيصلٍ حازمٍ بين كُل الأدوار.
بات من الشاق التخلُّصُ من عوالق العمل على الحياة الخاصة
بات من المؤرق ان تكون عونَ صحة "إنسان"
يوميّاتي