وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار.
إبراهيم
قدْ وهبنا سُبْحانه على عظيم جُرْمِنا نعما لا طاقة لنا بالإحاطة بها . منها ما نُدْرِكُه و منها ما لا نُدركُه.
منها ما سألناه أن يعطينا إيّاها و منها ما لم يخْطُرْ لنا ببالٍ أن نسْأله حتّى : فهل سألنا الله عزّ و جلّ أن يرزقنا الشّمس أو الهواء أو الفهم و النُّطق و مُخالجة المشاعر و التّعبير عنها.
هل سألناه سُبْحانه أن يهبنا حُبّ النّاس و نعمة حسن معاشرتهم ، هل سألناه أن يهبنا نعمة القرآن و نعمة تلاوته و نعمة الصّلاة و نعمة الإيمان به.
هل سألناه نعمة استقامة الخِلقة و السلامة من العيوب و التشويهات و المُعافاة من الأمراض و الأسقام .
هل سألناه نعمة حُسن الذكر و الثّناء على عِظم التقصير و السِّتر على شدّة الذّنب .
هل سألناه سُبحانه الحكمة في تدبير أمرنا و توقيت رِزقنا و منع ما لا يصلُح لنا و تقريب ما  تقرُّ به أعيننا .
ولو تدبّر الإنسان وقد سمّاه ربُّه و هو أعلم به بالظلوم الكفّار ، لو تدبّر لرأى مع كُلّ منعٍ عطاء ، و مع كلّ عطاء فتنة ، و مع كلّ رزق تمحيصا .
لو تدبّر حقّ التدبّر لاستنكف أن يتعجّل ما يؤجّله سُبحانه لميقات حكيم ، لاستحى أن يمدّ عينه إلى  متاع فان.
و الموفّق من استعان على لوعة المنع بلذّة المناجاة و التضرّع.
  و على وحشة الوحدة بخلوة الذكر و الأنس به .
و على مرارة الفقد بحلاوة حسن الظن و انتظار الفرج.
فلا يعلم المرء ما أخفي له من قرّة أعين جزاء لصبره ، و ترفعه عن براثن الرذيلة ، و التسول على أبواب المخلوقين ، و تعففه عن راكد اللذات .
الله يوقت لكل نفس ما يصلح لها على الوقت الذي يلائم فاقتها و بالوجه الذي يشفي ظمأها بالنحو الذي لا يكلفها ما لا طاقة لها به .
و الله المستعان على ما نصفُ و نُكابدْ.

0 commentaires:

إرسال تعليق