و المتأمل في هذا الحديث ( انظري أدناه ) على صنف من ثلاثة أصناف.
فإمّا مُشفق حريص قد لازم القرآنَ و سعى في استعطاء جليل خيرِه.
يخشى على عمله و سعيه أشد الخشية، و لازال له واعظٌ من نفسه ينبهه لحياد نيته و يعلم شدة تقلبها و تفلتها و يخشى فلات زمامها من يده.
و إما غافل مبهم لا يفقه معنى الحرب مع النية فهو لم يصحب القرآن و لم يُكثر الذّكر و إنما لمُصحفه معه لقاءٌ في المَحافل فقط و من العام الى العام ومن الموسم إلى الموسم ، فلم يتكرر اللقاء ليُكابد طوارىء المُنغّصات و لا شُرود نفيس اللّحظات الى مُحبط الحسنات.
فلا يعهد من نفسه قراءة لغير الله و لا له ..فالطاعة متروكة و اللقاء نادر و إن وجد فيكون إما غافلا عن فقه النية و إما مدركا لها و حريصا على إخلاصها .
و إما صنف مريض و هذا الذي أخص بالذّكر . قومٌ إذا تأملوا هذا الحديث طاروا به فرحا و كأنما ظفروا بكنز. قوم امتلأت قلوبهم حقدًا و حنقًا و سوء ظن و بُغضا حتى صاروا يعدُّون كل من يقرأ حرفًا مُنافقا و كل من يُرتل آي مُرائيا و كل من جوّد حُكما مُسمعا و كل من قلب مأدُبة اللغو و الغيبة إلى مأدبة الذكر و التنزيل طالب شُهرة و رياء.
أقول و بالله الاستعانة شفى الله كل سقيم ظن و كل متسلط على نوايا الخلق و أعان حمال القرآن على النفس و الشيطان حتى يكون بريق حروفهم و نور أصواتهم أنفاسا من لؤلؤ و مرجان تسمو بهم إلى الواحد الديان..لا مبالين بتثبيط المثبطين و تصغير العاجزين و لعل لهم في ناشئة الليل و خفي المجالس وِجاءٌ من تطفل المُتطفلين و أعيُن العائنين و مُعينٌ على حُسن العمل و تجويد الإخلاص.
و الحمد لله و كفى.
أما نص الحديث فهو: ((ثلاثة يؤتى بهم يوم القيامة: مجاهد، وقارئ، ومتصدق، فيقال للقارئ العالم: في ماذا تعلمت العلم وقرأت القرآن؟ قال: قرأت من أجلك القرآن، وتعلمت من أجلك العلم، فيقول الله له: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت ليقال قارئ وقد قيل ذلك، فيؤمر به فيسحب على وجهه إلى النار،..
ستكون على قدر عال من صفاء الذّهن و الوفاق مع نفسك و حتى مع الآخرين و تكتسب فُسحة جميلة من السّلام الداخلي حينما تتوقف عن متابعة كل ما يجري بتفاصيله..
ستكون قد بلغت مرحلة مهمة من النُضج عندما لا تجد رغبة في معرفة مستجداتٍ لا تعنيك و لا تجد نفسك مضطرا للمشاركة في حوار لا ينفعك و تنسحب تلقائيا من المحادثات التي تثير اشمئزازك.
ستكون أكثر ارتياحا حينما تتوقف عن الحكم عن الآخرين و تدع المواقف تكشف الاقنعة. حينما تعي جيدا أن ليس كل الناس يقولون ما يفعلون و يوافق ظاهرهم باطنهم،  و ليست كل الدعاوي صادقة و أن المتهم قد يكون بريئا و أنّ اليمين قد تكون غموسا..
ستكون أكثر ثباتا و أقل ندما إن قللت كلامك و تريث في إصدار احكامك و أقبلت على شأنك و قلّصت  الحديث عن نفسك و أكثرت من ذكر ربّك.
ستكون أكثر اتزانا إن اعترفت بأنك مقصر و أنك مستور بجميل ستر الحليم عليك  و أنك لازلت تتعلم و تسعى لاكتساب ما تجهله و العمل بما تعلمه.
ستكون أكثر جمالا و هيبة إن آثرت على نفسك و غفرت لغيرك و شكرت ربك و هوّنت عن نفسك ما تُكابد  و قلّلت من تذمرك و صارعت أمواج اليأس و أنت مبتسم.
عزيزتي العزباء ‍♀️ التي حباها الله بصديقة أو صديقات متزوجات. بطيبتك و رهافة حسك و نقاء تجربتك تقبلين على استماع وابل من مشاكلهن و خلافاتهن مع أزواجهن ⛈.
و للأسف تقع المتزوجات في خطأ فادح أحيانا فيبُحن لك ببعض خيبات الأمل و التصرفات الصبيانية و الأزمات الزوجية و النكبات العاطفية وحتى سيء ألفاظ و ردات فعل في لحظة غضب.
و ربما مجرد تغير مزاج أزواجهن لضيق عيش أو تنكر دنيا يقابل بنفاذ صبر و ضيق صدر فيهول و يضخم و الله المستعان.
فضلا عن فشل بعض زيجات صديقاتك المقربات التي تكشف تصدعات جذرية و مشاكل عويصة تجدين نفسك في خضم معايشتها لحظة بلحظة من غير حول منك و لا قوة. 襤
تتراكم تلك المستجدات السلبية في ذاكرتك الصغيرة و يكتسي الزواج حلة موشحة بخيبات أمل وفتور عواطف و تنكر مواقف.
هنا أدعوك عزيزتي للاعتدال في ردة فعلك البريئة حيال ما يمر بك من أشياء سلبية تسمعينها عن الزواج. و إليك الآتي.
* أوّلا الخلاف بين الأزواج أمر عادي و ربما يكون صحيا للعلاقة،  أما غير العادي أن تكوني المستقبل الرسمي لفضفضة صديقتك كلما طرأ طارىء عظم أو حقر.
* ثانيا تذكري أن صديقتك تجد دافعا قويا و فتاكا لترفع السماعة ☎️او تكتب لك حيثيات الخلاف. في حين لا تجد داعيا قويا لتعلمك أن زوجها عاد مساء معتذرا 珞أو أرسل لها رسالة حانية يغدقها بفيض حبه لها و يشرح لها سبب عصبيّته✉. ولا بهدية عاد يحملها في يده و قبلة على جبينها ذهبت بحنقها . تلك اللحظات الجميلة  التي تزدان بها العلاقة الزوجية تكون أحيانا خاصة لا يجوز ذكرها و أحيانا تكتم خوف العين و الحسد و مراعاة لمشاعرك انت كعزباء. و إنما الأذية اللفظية و الخلافات المضنية تصب في رأسك كالحميم فتنزع جذوة التفاؤل فيه . فتقبعين في دائرة سلبية الحدث لأيام في حين أن صديقتك قد تجاوزت الخلاف مساء الحادثة  خاصة أنّ الصُلح بعد الخلاف جميل جدا. لكنك لا تسمعين به إلا في سؤالك عن مستجدات الخلاف بعد أيّام.
* ثالثا تذكّري أنّ النساء كائنات متحكم فيها هرمونيا فما هو بسيط يمكن ان يغدو كارثيا جراء انخفاض معدّل هرمون الأوستروجين.
نحن معشر النساء نعشق الدراما أحيانا 
* رابعا لا تنسي ليست المعاينة كالخبر عليك أن تكوني حاضرة للسجال لتبني موقفك على بيّنة ‍⚖‍⚖.
*خامسا لا تنغمسي في السوداوية  ☻تذكري أن الخلاف العابر و الألم زائل والخواطر تُجبر و النفوس تهدأ و تطمئن 
فابتعدي قليلا و اتخذي موقف الناصح الامين عن بُعد و لا تذهب نفسُك حسرات و تستنزفين مشاعرك مع كل خطب. و احفظي خاطرة ان الجميع يمرّ  بلحظات جميلة و أخرى قاسية.
هذا ما يحضرني اليوم و ربما أضيف  غيره لا حقا.
#دُمتُنّ_مُتفاءلات
#النفسية_مش_ناقصة
#وأعوذ_بالله_نذكركن_به_وأنساه
#قلمي
أحدّثكَ عن تلك اللحظة التي تُهدم فيها صوامعُ سوء الظن تحت شعاع  نور اليقين.
و عن برد البينة يطفىءُ  لظى الإدعاء و البُهتان و عن جلاء حُزن القلب أن عمل بقوله تعالى فتبينوا.
و عن السكينة بعد زوال العتمة عن حقائق ننشُدُها.
و عن تعاظم تدبير الله فينا و تصاغرنا في أعين أنفسنا. عن دك صُنمان العُجب فينا بصدق دعوة من ترفعنا عنهم.
والحمد للذي ردّنا إليه ردًّا جميلاً.

لتكون ذو هيبة و مكانة و احتفاء و تبجيل في بعض المجتمعات السقيمة عليك أن تكون ثقيلا جافّا ذو ردّة فعل امتعاضية ، تقطع كلام الآخرين و لا تعير حديثهم أهميّة بل تتلقف بعض ألفاظه لتغير وجهة الحوار متحدثا عن نفسك.

عليك أن تكون ذو عبارات سقيمة و أنانية فائقة و حنكة رهيبة في استخدام الآخرين في مصلحتك و كفى، في حين تظهر لهم التعاون و حب البذل.
 أمّا إن كنت من أولئك الذين يحترمون مكامن الإنسان في الأخر: تصغي لنحيب قلبه و تتفرّس في طيات معاناته ، تبادر للبذل تجاهه و تسعى لإعطاء كل ذي حق حقه و إن قصّرت تعتذر و تسعى للصلح .. فلن يُفسح لك في المجلس و سيعتاد الجمع لطفك و يطلقون العنان لخشونتهم تجاهك و لن يعيروك قدرك.
في حين يتكالبون لارضاء من يشيد صرحان أنانيته على أنقاض جهدهم و يسعون لتبجيل من لا يشكر إحسانهم و يتفانون في التملق لمن يخشون مقته و سوء فعله. في حين يُنسى كل ما قُمت به إمّا لأنهم اعتادوا صنيعك أو لأنك لا تشكّل عُنصرا منغصّا جدير بالمبالاة و الحيطة و التملق.


بعْد ليلة أبى النعاس أن يساورني فيها ، نهضت كأحد مواطني بلدي لأزوال عملي..
طابور من المرضى يصطف أمام المخبر، صراخ و عويل  و زمجرات و تذمّر رغم أني كنت مبكرّة يومها.. على غير عادتي :p
 كانت السابعة و ثلاث دقائق و كأنما بات المرضى هنا. فتحت الباب و عمّت الفوضى صراخ الأطفال و أنين العجائزواستفسارت من كلّ حدب و صوب..
 جاوزت ستين عيّنة دم وأنا واقفة لانعدام مجرّد كرسيّ ذو ارتفاع مناسب لكرسي أخذ عيّنة الدّم, هذا دون احتساب أصحاب الأوردة الصعبة و الحالات الاستعجالية ، و الانقطاعات لإعطاء النتائج.
بعد الخمس و ستين عيّنة أحسست بوخز حاد في ظهري تجاهلته كعادتي فإذا به يزداد ،
 كانت زميلتي مصابة بنزلة برد حادة و كلّما همّت بمساعدتي ذرعها القيء ، كنا نكابد الألم و الإرهاق و نغض الطرف عنه.
كان بودّي أخذ قسط من الرّاحة ثم المواصلة، لكن هيهات .. المرضى هنا لا يبالون بك عليك ان تاخذ العينة و عليك ان تسرع و عليك ان تفهمهم و تغض الطرف عن قلة استيعابهم و عن تذمراتهم و عن استعجالهم لاخذ النتائج و احيانا قبيح الفاظهم و قلة صبرهم و عليك مراعاة تعثر العجائز و نقص سمعهم والصراخ لإسماعهم.
 امتلات القاعة بالرضع ثلاث اطفال يصرخون في نفس الوقت أخوان يشكوان داء السكري تعتني بهما امهما الارملة .
أخذت العينة لللأخت الكبرى ، التي كانت تضع انبوبا في انفها لم يتسنى لي الاستفسار عن سبب وضعها له،
وضعتها أمّها على الارض و حملت الاخر بين ذراعيها لاخذ العينة كان يتصرع خائفا و يزداد صراخه كانت اوردته صعبة جدا كنت اتصفد عرقا و الألم يزداد في ظهري و الصراخ يوترني و القاعة ممتلئة و الجو حار جدا و آلة NFS تصدر إشعارا بارتفاع حرارة الغرفة ، و الأطفال يصرخون و الروائح كريهة و الحارس يتخاصم مع أحدهم . أنهيت أخذ عينة الطفل فإذا بأخته قد غفلت عن تعليمات أمها بأن تضغط على موضع الإبرة فإذا بالدم يلطخ كلّ ملابسها ، ناديت زميلتي بأعلى صوتي "انتبهي للطفلة "و كنت اضغط على ذراع الطفل بـقوة و أحاول اسكات صوت الآلة المزعج بيدي الأخرى ، و في خضم كل هذا طفلة صغيرة كانت ترقب هذه الفوضى العارمة و رأت الدم على ثياب الطفلة ففزعت و انخفض مستوى السكري في دمعها فاغمي عليها قبل أن تسقط تلقفتها الأيدي و هرعت اليها بجرعة السكر و أرسلتها للاستعجالي، كنت أعلم أن ضغطي منخفض لم أستطع تمالك نفسي ، قدمي متورمة أحس بارهاق شديد، 
 كان مرضى التهاب الكبد الوباىي يزيدون من حزني و توتري لضرورة الاعتناء الفائق بهم. 
 جاوزتُ تسعين عيّنة و الويل ثم الويل إن قمنا بإيقاف اخذ العينات قبل التاسعة و النصف. ربّما يكسر هذا المخبر من قبل البعض. ذهبت لأعاين ضغظي فإذا به منخفض جدا ، شربت ماءا و شرعت في إجراء التحاليل في خضم الانقطاعات المتواصلة.
 شارف اليوم على الإنتهاء، تكدس المرضى لأخذ النتائج كنت جائعة و منهكة جدا لم يتسنى لزميلتي الخروج لساعة رضاعتها و اضطرت ابنتها الصغيرة للعودة وحيدة الى المنزل.
 و مع آخر نتيجة أعطيها زمجر أحدهم قائلا لا أدري لم كل هذا التأخير أنتم تجلسون على الكراسي هنا و لا تعيرون المرضى اهتماما تتقاضون اجرا بدون تعب.
لم أنبس ببنت شفة رمقته يبتعد و الغصة تخنقني..
 أي سيّدي و الله لا راتب يعادل ألمي و ارهاقي و توتري والصبر على خدمة المرضى و الضغط الذي اضطر لعيشه في ظرف ست ساعات تمضي كأنها دهر.
لا راتب يعدل مزاولة عملي و انا في حالة  يرثى لها، لا راتب يعدل الهلع الذي ينتابني عندما يغمي على طفلك أو احتمال الإخطاء في إجراء تحاليل.
 لا أجر يعدل إهانة أعوان الصحة و الضغط الذي يكابدونه حال مزاولة عملهم إذ يتعاملون مع حياة إنسان ، لا أجر يعدل شيئا مما كابدته اليوم. 
لا أجر يقابل جهودي كعون صحة عملي هو عمل انساني لا مقابل له .
لا شيء يجزي عن هذا سواء احتساب الاجر على الله ,
 لا أحد يبالي يا رفاق احتسبوا الأجر على الله و كفى.

هلْ أُحدِّثُكُم عمّا يُمكنُ أن تحسَّهُ عندما تضطرُّللتعامل مع مرضى السّرطان. لا يبدو الأمر مُمتعا البتّة . لكن أولئك الذين ابتلوا بحتمية معايشة الموقف يعلمون جيّدا عمّا أتحدّث.

أحيانا يوفّقُ القلمُ  و اللسان في وصف طوفان الألم الذي ينتابك مرّة واحدة دون تجزئته إلى أقساط و كأنّما الفاجعة فيك و المصاب ليس ببعيد عنك.
 و أحيانا يبدو القلم بائسا هزيلا شاحبا أمام ما يمكن أن يقع في قلب امرىء حين سماعه ببدء معركته مع الموت !
 عادة ما يتملّصُ أعوانُ الصحّة من هكذا موقف ، و يغدو الطّبيب المسكين المسؤول الرّسمي و الأول عن زفّ الأخبار المؤلمة.
 لكنّ محاولات الهرب لا تكون دائما موفّقة و أحيانا لا مناص من المواجهة واجبًا أو إرشادًا أو توضيحًا أو نُصحا . حتّى تلميحا لا تصريحا لا يكون الأمر بالهيّن البتّة.
مررت في رحلة مهنتي البسيطة بمواقف مماثلة  بتُّ لا أحصيها ، و حفظت أسماء مرضاي المبتلين ، و ترحّمت على كثير منهم.
 ربّما لم يتسنّى لي أن أصارحهم بما كنت أكابده حال إعلامهم بادىء الأمر بإصابتهم ، و لم يتسنّى لي أن أُعلهمم أنّني كنت أجمع شتات نفسي لأهوّن عليهم ، و أنني كنتُ كاذبةً حينما سئلتُ هل عاد الدّاء؟ فقلت "لا أعلم أو لا أتصوّر" ، و كُنتُ كاذبة حينما قُلتُ لتلك الشابة: تبدين جميلة وفي صحّة مُمتازة، و كذبتُ كثيرا قائلة سيكون كلّ شيء على ما يُرام.
 في هذا المساء ، بعد معاينتي لحالة جديدة : أرى نفسي مُحتاجة لأقول لذلك الكهل الذي عندما تلقّى نتائج تحاليله أردى الهلعُ وجهه وجه ثكلى. فلم يقدر إلاّ أن يُبلل قحط ريقه ثم ردّد محشرجا " لطفك يا ربّ." وإلى ذلك الأب الرّائع الذي أخفى مرضه عن ابنته طالبة الطبّ لسنين مُرددّا " مانشغبش بنيتي" و إلى تلك الأرملة التي تُعيل أربعة أيتام،و لمحتُها تُلقي سفساريها على كتفها فتعثرت خطاها لتقع في البهو، و إلى أماني الصّغيرة رحمها الله و مثيلاتها أقول : 
ربّما لن يغيّر هذا كثيرا فيما تتجرّعون من أنواع الألم و الخوف و الضّيق : و لكن أنا الفقيرة  قدْ دعوتُ لكم مرارًا في أوقات استجابة الدُّعاء ، و على مائدة إفطاري و في السجود و في السّحر. أنني لم أمُرّ مُرور الكرام على حنظل معاناتكم و أنني لم أعتد رؤيتكم تتألمون ، أنني تعلّمت من إيمانكم و صبركم و ثباتكم و إيثاركم و توكّلكم و استغنائكم عن توسّل العطف في حربكم، و قوّتكم في خوضها وحيدين أو مستأنسين. أثابكم و ثبّتكم و رحمكم الله ، اللهم لطفك بمرضى السّرطان و عونا على رفع الضر 
باكتشاف الدواء. و الله المستعان.



 

إنما يخلق الإنسان ليولد وحده، و يعيش وحده و يمرض وحده و يكابد وحده. و يموت وحده و يحشر وحده و يلقى الله و حده و لا نملك إلا أن نهون على بعضنا الطريق
طوبى لمن عمر وحدته بما يسره أن يلقى الله به.




أوتُدْرِكين الآن أنّ الله قد يمدّ لك يد التّوبة من سوء الظنّ به بعظيم الإنعام و جليل إغداق ما كنتِ تضحكين سُخريةً من نيله لشدة انقطاع سُبله؟

تلك الواقعيةُ المُجحفة ، و المنطقية القاسية  ساعدتك ِفي فترة من الفترات لتكوني ما أنتِ عليه الآن لكنّ الله يأبى إلا أن يُجرّدك من بعضها إلى حينْ ، لتحلُمي بما لا شيء يشير إلى قُرب نيله، لتتخلّصي من بعْضِ مقارباتك الدقيقة و دراساتك المُضنية ، لترفعي شعاراتٍ سخرتِ منها ذات يوم ، لتعيشي أحداثًا كنتِ أخر من يتصور أنك ستكونين بطلتها، لتكوني أوّل من ينتشي بإعلان فشله في حربه مع نفسه.

 أوتدركين الآن أن لا بأس بأن تستلمي لأقدار الله يُسطرّها على النحو الذي يريد و تعاينين شدّة ضعفك و أيضا اطمئنانك للمستقبل لأنه ليس بيدك بلْ بيده،..
أصْبحتِ تُدركين مواطن الخلل و ترتسم على شفتيكِ ابتسامةُ نشوة بأنك أمة للقوي الذي يعلم ما يخفى منك و ما تُعلنين فجْأةً لم تعودي تغضبين من ظهورِ ما حاولتِ إخفائه بغضّ الطرف عنه طويلا.
ربّما آن الأوان لتفسحي المجال لاستقبال جميلِ عطائه فما اعتدتِ غير ذلك منهْ.
 ذات يومِ جميل : فُسّح لكِ في المجْلس، وأُعلِي من قدركِ بجميل سِتِْره ، و نلتِ رفعةً هي عاجل بُشرى المُعطي و المُنعمْ، ذات يومِ جميل سمعْتِ ما تطربُ له الأذن ، و كُرّم ما بذلت،ِ و احتُفي بك على تقصيرك ، ذات يوم جميل ذبّ الله عنكِ ،و نلتِ ما زهدتِ فيه. ذات يوم زرتِ أكثر الأماكن تواضعا و لا يزال عبقُ ريحُها عطرًا لجلبابك و أصواتُ البراءة حلق أذنيك.
ذات يوم كنتِ أنتِ و أشرقتِ ..
 ذات يوم كنتِ سعيدة جدّا .



وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار.
إبراهيم
قدْ وهبنا سُبْحانه على عظيم جُرْمِنا نعما لا طاقة لنا بالإحاطة بها . منها ما نُدْرِكُه و منها ما لا نُدركُه.
منها ما سألناه أن يعطينا إيّاها و منها ما لم يخْطُرْ لنا ببالٍ أن نسْأله حتّى : فهل سألنا الله عزّ و جلّ أن يرزقنا الشّمس أو الهواء أو الفهم و النُّطق و مُخالجة المشاعر و التّعبير عنها.
هل سألناه سُبْحانه أن يهبنا حُبّ النّاس و نعمة حسن معاشرتهم ، هل سألناه أن يهبنا نعمة القرآن و نعمة تلاوته و نعمة الصّلاة و نعمة الإيمان به.
هل سألناه نعمة استقامة الخِلقة و السلامة من العيوب و التشويهات و المُعافاة من الأمراض و الأسقام .
هل سألناه نعمة حُسن الذكر و الثّناء على عِظم التقصير و السِّتر على شدّة الذّنب .
هل سألناه سُبحانه الحكمة في تدبير أمرنا و توقيت رِزقنا و منع ما لا يصلُح لنا و تقريب ما  تقرُّ به أعيننا .
ولو تدبّر الإنسان وقد سمّاه ربُّه و هو أعلم به بالظلوم الكفّار ، لو تدبّر لرأى مع كُلّ منعٍ عطاء ، و مع كلّ عطاء فتنة ، و مع كلّ رزق تمحيصا .
لو تدبّر حقّ التدبّر لاستنكف أن يتعجّل ما يؤجّله سُبحانه لميقات حكيم ، لاستحى أن يمدّ عينه إلى  متاع فان.
و الموفّق من استعان على لوعة المنع بلذّة المناجاة و التضرّع.
  و على وحشة الوحدة بخلوة الذكر و الأنس به .
و على مرارة الفقد بحلاوة حسن الظن و انتظار الفرج.
فلا يعلم المرء ما أخفي له من قرّة أعين جزاء لصبره ، و ترفعه عن براثن الرذيلة ، و التسول على أبواب المخلوقين ، و تعففه عن راكد اللذات .
الله يوقت لكل نفس ما يصلح لها على الوقت الذي يلائم فاقتها و بالوجه الذي يشفي ظمأها بالنحو الذي لا يكلفها ما لا طاقة لها به .
و الله المستعان على ما نصفُ و نُكابدْ.
.كم كان قاسيًا أنْ نكون على بُعْدِ أمتار و نختار أن لا نلتقي
لقائلها#
عزّ الرّفيق و الضّرُّ قد بدا*** أيا ليت شعري شقّ العذاب 
سهام بني آدم نغّصت عيشنا***  ودثّر جسمنا الفاني الحجاب
جزى الله خيرا قطع القماش***  فضنك العيش تخفيه الثّياب
طأطأت الحرّة بعزٍّ رأسها *** و دمع العين كفكفه النّقاب



“فَطوبى للغُرباء”
قَد يتبادر لذهْن البعض صُورة عن الغُرباء 
ربّما بمظهر غريب ، لباس مُعين و انعزال عنِ البشر و الحياة العادية 
في الحَقيقة الغربَاء هم أُناس يمارسون أعمَالهم اليومية 
يختلطون بالناس ، يحاولون الابتسام دائما ، يتحملون أذية الاختلاط بالخلق فيُفلحون تارة و تنفلت أعصابهم تارة أخرى، مُبادرون للخيْرات محبون للصالحين. منهمكون في أعمالهم و شأنهم كغيرهم
لكن.. لو اطّلعت عَلى قلوبهم ستَجد  شعثا، وحرقة : نوعا من الخيبة إزاء الدنيا لأزمات كابدوها تترى ، ستجد حذرا من اعتداء الناس على مبادئهم التي أضحت موضوع تندر.
نعم  ستجد شُعورا بالدفاع الدائم عن نقاء يسعون للتحلي به في زَمن صارت فيه المعاصي عَادة و الذّنوب مفخرة و التدين معرّة.
و إن اختلوا بالرّحمن اشتكوا له وحشتهم ، وحدتهم و شوقهم إليه 
نسأل الله  أن يتوب علينا و يصلح أحوالنا و يرزقَنا الثّبات و الصّبر عَلى ما يُرضيه