لاحظتُ أن حالتَها تزدادُ سوءًا..ناشدتُها بالله ان
ترتاحَ ...فأبتْ
زاد
ارتعاشُ يدها..,بتُّ أخلطُ بين الاسبابِ: اهي الانيميا ..ام ...؟
تفاقم
اطراقُها و بؤسُها ..
التزمتُ
الصمتَ ..في بعض المواقف يكون الصمتُ افضل عزاءٍ و أفضل تسلية و لسان الحال يقول
.."الالم اكبر من ان يُحكى"..
قالت
لي بصوت هادئ ’اختي قبل ان تخرجي انتظريني لي عندك طلب..
أشرتُ
بالموافقة
كنت
اعلم بمرض امها و حالتها المادية المزرية ..حمدت الله اني احضرت محفظتي جال بخاطري
انها ستطلب سلفة لاصطحاب امها للتداوي.. بل اقنعت نفسي بهذا و مضيت في انتظارها..
أقبلت
بخطى ثقيلة ...قالت بنبرتها المعتادة.. "اظنك تعلمين بحالتي المادية" ...
فرحتُ
ظننتُ تخميني صحيحا ...و يا لقصر نظري..
واصلتْ:"
وبعد مرض امي و تفاقم حالة اخي اشتد الحال ..لعل الله يجعلُ بعد العسر ايسارًا .
واصلت
حديثها و هي تُخرج من حقيبتها ورقة فيها مبلغ مالي وهي تقول:
هذا
كل ماستطعتُ جمعه لهذا الشهر ..ارسليه لتلك العائلة التي حدثتني عنها ...و اني و
الله لأألم لذكراهم كل حين
..
هممت
ان اتكلم ...قاطعتني و قد سقطت دموعها ، أحسستُ بحرارتها على وجهها
" لا تحرميني" انا التي احتاج اليهم و ليسوا هم "..
هممت
ان اتكلم قاطعتني...
"والله يا اختي ما عادت الدنيا تعني لي شيئا ...عفتُها
..سئمتُها
كل
ما اشتهيه رحيلا اليه و هو وراض غير غضبان"
...
لم
يعد هناك مجال للنقاش ..افحمتني...
اطرقت
.. تذكرت ابتسامتها بكل رضا و هي تقول " انظري لجوربي المثقوب هذا و حذائي
الذي ارتديه انا و اختي ... يمنحانني شعورا اني اغنى الاغنياء "
وحديثها
’عن المقرونة الجارية’ التي أبت الا ان تكون طعام العشاء
تذكرت
امها التي تعاني من مرض خطير و هي التي تعيلها
تذكرت
اخاها المسجون في غرفة منذ ستة عشر سنة
تذكرت
مرضها و ما ابتليت به و ما تعانيه يوميا
...
أوّآآآه
كم بدا طريق العودة رماديا و قاحلا...
و
اذا بقوله تعالى يحضرني {و يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة و من يوق شح نفسه
فؤلئك هم المفلحون}
و
اذا بابيات تخرج على بعثرتها تخفف ثقل ما امتلات به النفسُ و تختم يوما شحن بما
يكفي:
في النفس استحياء من ربها ***علام تشكو النفوسُ
و تألمُ
أفي الابدان انواع الأسقام أم ***تشكو البيوتُ
فاقاتٍ تُسئمُ
أفي العقول خلل يذهبها *** أم في الاحباب
رزايانا تُكلمُ
أفي الأبدان عضوٌ ينقصُ*** أفي الاسماع نقصٌ
يوهـــم
أفي الابصار ليل دامس ***أفي السيقان شلل
يُلـــــممُ
بل نحن في أنعم الله نرتعُ**** رفيه عيش و
أبدان تسلمُ
من الادواء و الاسقام التي ***أسهرت ليل
الاخوان و تؤلمُ
و من الناس من يغدو حامدا ***على ضيق عيش و
آلام تُكتمُ
يُسهر ليله ألـــمٌ يَنهشُ***و يصبِح حـــامدا
للناس يَبسُمُ
بل و يغدو قاضيا حاجاتِهم ***على خصاصةٍ ينفقُ
عليهم
لله درّ المنفقين على ماهمُ ***من ضنك عيش و
فقر مؤلمُ
يا رب حــمدا كثيرا طيبا ***على ما انعمت و لا
زلــت تُنعمُ
يا
رب ّ غفرا مما فعلتُهُ***يـــــــا رب غفرا ممّا لا اعلـــــمُ