بسم الله مسبّب الأسباب ربّ التذكّر و النّسيان

                     أبت هذه الصّورة الا ان تكون سببا في استفزاز أناملي لاسطر مايلي 

أقبل شيخٌ كبير في السنّ يتهادى ..يتكئ على عكازه و يا ليته ينفعه إذ أوشك على الهوي مرارا ،لمحته من اول الرواق يمشي ملتفتا يمنة و يسرة كانه يتثبت من المكان و لسان حاله يقول أين أنا ؟ هل هذا هو المكان الصحيح..؟
دخل الرجل بخطاه الثقيلة و و الله ليهُمُّ المرء كلَّ هنيهة لادراكه خشية سقوطه .
سلّم الشيخ بتحية الاسلام بصوت جهوري "السلام عليكم و رحمة الله و بركاته"
ما اجملها من تحيّة " تحية طيبة مباركة "امر اذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم"
بادر الشيخُ قائلا بنياتي عندي تحليل ؟ تعطوني النتيجة؟
سالتُه يا حاج أين الوصل الذي قدمناه لك صباحا؟
اكفهر وجهه و علا صوته أي وصل؟ لم تعطوني شيئا ؟
استغربتُ... استبعدتُ احتمالَ عدم اعطائه الوصل اردفتُ: يا حاج الوصل اكيد في بعض جيوبك فتش عنه فضلا حتى اعطيك النتيجة.
صرخ يا بنتي ما عندي حتى توصيل..
أدركتُ ان لا فائدة.. سألته عن اسمه و هممتُ بالبحث في لائحة المرضى
تثبتُ من الاسم و العينة من زميلتي التي اكّدت مده بالوصل صباحا . ناولته النتيجة و جلست.
رمقها مطولا ثم قال هذه هي؟ اجبتُ نعم يا حاج تستطيع الدخول الى الطبيب الآن ..
اطرق و ادار ظهره مغادرا و هو يبحث في كومة اوراق يحملها
كان هذا الشيخ من بين أصحاب الامراض المزمنة أي انه تقريبا يزور المستشفى يومين في الاسبوع ،استغربتُ تصرفه الذي يوحي انه ياتي هنا لاول مرة .
بعد ساعة أقبل الشيخ و هو حزين و صوته يعلو ثانيا ..
يا بنتي الطبيب طلب مني نتيجة التحليل لمَ لمْ تعطيني اياها هداك الله ..هناك
أيقنتُ الامر ..
قد نال هذا المرض المريع من ذاكرة الشيخ المسن ..تكفلت احدى الممرضات وقتها بسائر امره و قد سالتْه مستنكرة : يا شيخ اليس لك ابناء ؟ اظن انه لا يجب عليك الخروج وحيدا؟
هناك فاضت عيناه ..أجابها رافعا سبابته " لا اله الا الله ...إنّا اليه راجعون ..عندي أبناء و بنات مثلكن و كلّ في حاله منشغل يا بنيتي ."
بعد انهاء المعاينة : نظر الى جمع الممرضات مبتسما و قال "أنا عجوز وبتُّ أنسى كثيرا لكننّي احبّ من احسن الي و اسال الله ان يذكرني به فادعو له,, ثبت الله اجوركن"
كلمات تهتز لها أوصال أولي الألباب.. سبحان الله.. وددتُ ان اصرخ في وجه ابنائه و بناته، ان أُخرج مامتلات به النفس من حنق ..ما بالكم ؟اين عقولكم ؟
باب ٌمن الحسنات مهدار ما بالكم زهدتم فيه ؟ أيُّ قلوبٍ تمتلكونها؟ أي داء و سُمٍّ تشربونه فأنساكم ابائكم؟ اين أنتم من وصية الله تعالى بهما؟ اين انتم من اويس بن عامر ؟امر النبي صلّى الله عليه و سلم عمرَا رضي الله ان يبحث عنه و ان يستغفرله و لابي بكر رضي الله عنهما.. و ما بلغ هذه المرتبة الا ببره بامّه؟ اين أنتم من ثاني احب الاعمال الى الله ؟ أين إنسانيتُكم ان ضيعتم دينكم؟؟؟ هداني الله و اياكم,,
 في رواق  لمحتُ بعض الاوراق الملقاة على الأرض.. و اذا بوصلِ الرجل و بعض صور أبنائه و احفاده قد سقطت منه دون ان يدري.
~يومياتي

0 commentaires:

إرسال تعليق