اما وقد قُذفتِ فيما قّدره الله لك في سابق علمه و فيما سيؤتيكِ بعد حينِ إن شاء فهم سديد حكمته
والى ان ييسر الله لك بركة أُكله حين قطافه وطيب ثماره يوم حصاده 
اسمعي لما اقول لترقيْ و لا تكوني ممن يذكّر فتنسي
الا ان هذا الطريق طريقك وحدك، هيهات أن يكمله أحد غيرك
قد تحظين فيه بالرفقة و لكن سرعان ما ستراجعك الوحدة
الا قدّ عزّ صالح الصّحبة و ها قد حشرجت في صدرك الغربة
و قد ابتليت بما الله به عليم و سيكشفه بعد حين رؤوف كريم 
وانك يوم العرض لن تجدي من تلقين عليه اوزارك و لا من يذود عنك بسرد اعذراك 
وان كل نفس بما كسبت رهينة وانك ستحاسبين عن كل معلنة و كمينة
فلا تبتئسي و أعيذك بالله ان تجزعي او تنتكسي
فارفقي بقلبك فان الفقه و البصر و الحكمة ماواه 
واحفظي جوارحك فما اودعك الكريم ايّاها الا لتراقبي الام ممشاها 
فان زاغت تلاشت بصيرة قلبك و تاهت 
غضي بصرك و اكظمي غيظك واحفظي لسانك
اودعي سرّك جوانح صدرك واختمي عليه بطابع الاستعانة بربّك
يورثك ذلك مجدا و رفعة و نورا و هيبة 
وافشه بين صحب و خلان تورثين في صدرك ضيقا و هوانا 
استعيني بالخبير و بثي اليه الشكوى اودعيه سرّك واحسني ذكره في العلن و النجوى
لا تركني الى هواك فتردين و خالفيه الى ما تكرهين و ربّي سترتقين 
واعلم انك ضعيفة لولا ان قواك و تائهة لولا ان هداك و حقيرة لولا ان اغناك فبالله عليك الى من غيره منتهاك؟
لا تطنبي في التفكير فيما يؤرقك و ابدليه استغفارا و ذكرا و دعاء وعطاؤه سيدهشك

فري اليه قبل ان تشقي ،،استانسي بمنعه لترضي
اعيذك بالله ان تزيغي، اعيذك بالله ان تنقضي العهد ،اعيذك بالله ان يهجرك الحياء ،اعيذك بالله ان تتسولي و بابه مفتوح ، اعيذك بالله ان تشقى بنعمة، اعيذك بالله ان تكوني  بدعاءه شقية اعيذك بالله ان تؤثري على مرضاته شيئا




من أنواع الشقاء:


ان تشقى بفكرك وبنفسك التي بين جنبيك

ان تشقى بكلامك و صمتك و نظرتك و غض طرفك

ان تشقى بنعم وٌهبتَها يتكالب الناس عليها و استحالت بلاء لك
ان تشقى بكتمانك وهل تبوح بشقاءك بنعم لمحروم منها؟
ان تشقى بفوزك في سباق لم تسع لخوض غماره يوما ليستحيل اكليل النجاح بين يديك لُكعًا تؤججه نظرات الخاسرين الحزينة 
ان تشقى بسلاسل العرفان و الجميل تكبلك ولا تستطيع سبيلا الى رد المعروف
ان تشقى بأُناس كانوا لك عونا و سندا و كنت لهم المًا و جُرحًا 
ان تشقى بحزن يعصر فؤادك كلما واجهوا جحودك بعرفانهم ونسيانك بذكرهم و منعك بعطائهم 
ان تشقى بكل خلية في جسدك تهتف مكلومة : ان آسفة 
ويعتذر كل ما فيك الا لسانُك
فتشقى باعتذارك السجين الذي لم يُصَغ يومًا 
ان تشقى بالم جُرمٍ لم تقترفه و تفننت الحياة في احيائه فيك كل مساء


الله أعلمُ أين يضعُ فضله، أعلمُ بمن هو أهل لأن ينقيه، أعلمُ بمن هو صادق فيبتليه ليرفعه،
أعلمُ بمن أراد به خيرًا فابتلاه ليعود و يزداد رسوخا، ابتلاهم و لم يذرهم فرادى بل ثبّتهم بالقول الثّابت،،،يصطفي من يشاء ويرفع من يشاء ..
وهو أعلم بمن صرف رحمته عنه ، بمن يمدُّه للعذاب مدًّا،أعلمُ بمن هو على درب الشّقاء سائر ،بمن ضل سعيه وهو يحسب انه من المهتدين، يمن يبارزه بالذنوب فيغدقه بالنعم سبحانه، بمن ابتلاهم فما استكانوا ولا تضرّعوا..
كره الله أصواتهم، وعباداتهم فردّها عليهم، علم نفاقَهم، فصرف وجهه عنهم و أبعد عنهم رحمته


 أحنّ إلى زمان كنت أجهل فيه بعض الحقائق، بعض الأمور نرى بقصر نظرنا أن لا منفعة تُرجى من معرفتها بل من الأسلم لنا أن تبقى مجهولة مستورة رأفة بفؤادنا
و لكن يسوقها لنا الباري جل و علا على مرارتها لحكمة هو أعلم بها أسمع به و أبصر

أدركت بعد ستٍّ و عشرين سنة من عُمري مضت، أن ملامحًا  لا تروقني كثيرا  قد ارتسمت على صورة شخصيتي جرّاء تلك الحقائق التي انجلت بدون إذنيا
 ملامح ذكّرتني بتجاعيد السنون التي تنغص لقاء سيدات زماننا بمرآتهن، ارتسمت بلا
حول مني ولا قوة على تورد وجنتي  كتجاعيد على ملامح شخصيتي
أُدرك جيّدا أنّ تلك الحقائق مانكشفت إلا لتربية الله لي و لحكمته في تدبيره الامور و تسييرها على النحو الذي يشاء ،
 ملامح فتاة لم تعد تبهرها الكُنى و الأسماء الرنانة فلو كان لكل من اسمه نصيب كما يدعون لكان العالم بخير من كثرة أصحاب الكنى 
المنمقة 
ملامح فتاة لم يعد يغريها تقصير القميص ولا إعفاء اللحى ولا سواد النقاب ولا حفظ
المتون إذا كان القلب كالكوز مجخيّا عليلا أرداه الحقد و الكذب و الغش و الخيانة و قلة والمروءة و العجل وإغفال النعم و مد العيون إلى ما متع به غيرهم وغيرها من العلل و الأسقام، مضغة لحم نتنة
ملامح فتاة تهيأت لأن تخذل من أولئك الذين صدّعوا رؤوسنا تشدّقًا بمكارم الأخلاق و سامي المبادىء وكأني بهؤلاء الذين لا يتوانون في كل فرصة عن الحديث عن القيم الانسانية و حقوق الأخوة و آداب الصحبة وخوارم المروءة و سمت الطلاب هم أول من يحرقون ميثاقها و يمزّقون أوصالها و يهتكون بُندها 
ملامح فتاة لم تعد تنبهر بما يظهر و ما يطفو على السطح فلربما كان القاع غاصّا بالعطن 
ملامح حنينٍ الى زمان كنتُ أمُرُّ بهم فأحتقرنفسي وأستصغر عملي و أبكي ذنوبي و تقصيري وقد ظهر بريقُهم و خفيَ جُرمهم
أحن الى جهلي بحالهم فبالله عليكم ما جنيت من انجلاء عورتهم
 أحن الى بكائي لذنبي وانعكافي على عيوبي فما جنيت من انكشاف عيوبهم : مداخل العجب و سوء الظن و تثبيط  الهمة و الاذية 
تعقبها الخيبة، جيش من الأعداء جرّارُ  
فالله أسال أن يستر عنّي عيبهم و عورتهم
 أي رب لا قدرة لي ولا رغبة برؤية سوءتهم 
 أي ربي أي ذنب فعلته حتى تُكشف عوراتهم و يُفضح سرهم فاغفره لي وردني إليك ردّا جميلا
أي ربي اأعوذ عوذ بعظمتك أن أنكص على عقبي أو أن أزيغ و أضل 
اي ربي أسألك باسمك الأعظم أن تشغلني بما ينفعني و  أن تغفلني عن كل قبيح 
رب أعد الي غفلتي عن لؤمهم  و حسن ظني بخلقك و تفاؤلي واستبشاري
 رب إنك تعلم اني لم أتتبع عوراتهم فأجرني بحلمك أن تكشف عورتي وأصلح حالي 
ربي لا إله الاإلا  أنت سبحانك إني كنت من الظالمين 
ربّ اجبر ما كسر بداخلي و اشف ما شوّه بي 

ولن ننسى في اسركم ما نشرتم***من العلم في عقر دار الجهول
و ندعو لكم ان وعينا دروسا ***أنارت ظلاما يغطّي العقول

فكّ الله اسركم و رزقكم الفردوس الأعلى شيخنا




يحدث في زمان الفتن وفي غربة سالكي طريق الحق ان تُصفعي صفعات حادة: تلك التي ليست الا تربية من الله و تمحيصا منه اتثبتين ام تحيدين 
تلك التي ليست الا سببا لوعيك بصدق عقيدتك و صفاء نهجك و ان شاك طريقه 
يحدث ان تكون الصّفعة حادّة و يحدث ان تلاقي جسدا انهكته الذنوب فيسلط عليك بذنوبك شرار الخلق 
فتجثين على ركبتيك من قوة الصفعة 
هناك ..إيّاك ان تلتفتي لؤلئك الذين يتربصون بك لتقعي 
لا تلتفتي لتلك المراة التي قهقهت مترنّمة انها كانت تنتظر سقوطك
 لاتلتفتي لتلك التي استغلت الصفعة لتعيد ذلك التسجيل المائع الم اوصك؟ الم انهرك ؟ متى تنتهين انظري ماجرى لك؟  
او لذلك الرجل الذي هرع لجمع ادباشه من امام محله خوفا من ان يناله شيء من صفعتك و تركك و حيدة تصفعين  
او لذلك الشّاب الذي ابى ان يمنع يدا كادت ان تمتد اليك بل و هرول مبتعدا 
!
إيّاك ان تلتفتي اخية قد يؤذيك تعالي الضحكات فالضحكات تعشق حجابك الفضفاض و انت شامخة فكيف ان نالتك بعض الاذية 
لا تلتفتي اخية.. اجمعي ثنايا حجابك و استعيني بالله في هدوء استرجعي و حوقلي و سم الله وانهضي 
يؤلمني ان اقول لك: لا تنظري يدا تمتد لك لتعينك على النهوض قد يربيك الله بمنعك اياها و قد يرزقك اياها في وقت انت احوج ما يكون لها و ان عزّت لا تقطعي الامل بوجودها  
 لا تلتفتي لؤلئك الذين انتظرت ان يكفكفوا دمعك بكلمة بسيطة تمحو سم الاذية في جسدك او ابتسامة رقيقة تذهب بعض ما اصابك او  كلمة حق عند بهتان قذفت به فبخلوا بها عليك 
 ولا تنتظري منهم جبر خاطرك و حققي عبوديتك للجبّار
 اصبري اخية وصابري و رابطي 
لا تعلقي ثباتك بالاشخاص و انما بربهم 
سليه المعونة و التثبيت و الصبر و الاخلاص 
واعبديه حتى تلقيه و انما هي ايام و تمضي



 قد تتراءى لي أسباب "السّعادة" الدنيوية في أيّامنا الجائرة هذه :
في بوح كتاب احنّ عليك من رفاق اللغو :يهديك فائدة و ينمي ملكة و يشغلك عن هرج !
او في توفيق الله لك بان يغفلك عن ضوضاء الاحداث و قد بات الخائضون يخوضون و يحللون و يناقشون لتسمع المستجدّات بعد ايام من وقعها و الدهشة تغشى من يسوقها لك لائما اياك في اي عالم انت؟
أو في تأمّلك لطفل يقبل على سورة البقرة تلاوة و حفظا و يتفصّدُ جبينه عرقا و قد أعيتهُ متشابهاتها و يسالك عن احب اوقات قيام الليل...
او في همس من كنت تحسِب انه لا يطيقك على غرّة منك "ان وجودك في حياته نعمة و انّك تعني له الكثير و أنه دعا لك!
أو في سجدة في جوف الليل تبثّ فيها شجنك للذي يجبر خاطرك و يعلم ضيقك و يوقت فرجك و يفرح باوبتك
ربّ لا تكلنا الى انفسنا طرفة عين
ربّ لا تذرنا فراداى و انت خير الوارثين
ربّ ردّنا اليك ردّا جميلا
كلماتي التي اكتبها هذا المساء ماهي الاّ اعتذار عن تقصيري في حقّكم و في  حقّ نفسي..شغلتني عنكم بعثرة الدّنيا و صروف ادارت وجهي عن معاناتكم و صرفته لمعانتي 
 كم قصّرت في حقكم ،مثل الغالبية، ادرت وجهي عنكم 
لم يعد لكم مؤخرا حضور في دفتري 
لم  يعد يحضرني مؤخرا بؤسكم في طيات ستائر غرفتي
 لم تتراء لي وجوهكم المكفهرة على وسادتي و لحافي و سجادتي
و لا ابرر تقصيري بانشغالي :لان حضوركم حياة قلبي و معنًى من معاني وجودي و  سبيلي لان أُستعمَل ولا أُستبدَل بتوفيق من 
الباري جلّ و علا 
أوَ نُكبّل باغلال النسيان فوق اغلال العجز؟
أوَ كلّما طال عمُرُنا زادت غفلتنا؟ 
أَو  نعجزُ عن اقالة عثرتكم و سد جوعكم و درء البرد عنكم و تطبيبكم  فنكفّر عن ذلك بعجزنا حتى عن تذكّركم؟ 
أيُّ عذر نسوقه للمولى ان سالنا عنكم؟ 
..أعوذ بالله ان اكون  كمن يمر مرورا زائفا على حنظل ايامكم و ما ابرئ نفسي 
أعوذ بالله أن أعتاد بؤسكم
أعوذ بالله ان يموت قلبي 
.وحياته تعني  ان التمس الوان شقائكم  في عباراتكم عند الاستفسار العادي 
و في ملامح وجوهكم و ان لم تنبسوا ببنت شفة 
في ثيابكم و من رائحة الحطب التي تفوح منها 
و على نافذني عند تساقط الثلج و على مائدتي عند حضور الطعام الشهي 
و إن غبتكم... فتلك بداية احتضار القلب 
مغفرة من ربّي 
******

موجودون في كل مكان من الارض هنا و هناك 
لا ندري ما يكابدون و ما يتجرّعون 
بعضهم قد وصلتنا معاناته و الآخر يئنّ في صمت 
شعثُ غبرٌ مدفوعون بالابواب 
عسى الله ان يجعلهم مقبولين في السّماء 
عسى الله ان يغفر لنا غفلتنا و ان يستعملنا ولا يستبدلنا 













عاد الثّلج ..ما اقرب الامس باليوم: نفس المكان نفس الاثاث نفس النافذة ،تغيير بسيط  فقط  برد اشدّ و ثلج اكثر كثافة 
..و حال بُدّل عن حال 
قرأتُ يومها مذكرة كتبتها قبل سنتين  و قد خالط الدمع الحبر    
كان الأمر أشقّ ما يكون و أبعد ما يكون 
و للحكيم فوائد يمن بها على عبده في جميل منعه 
و للمقيت تقدير لانزال نعمه في الوقت الذي قدّره على النّحو الذي قدّره 
فسبحان العليم الخبير الذي يقول للشيء كن فيكون 
.الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه 
.الحمد لله مدبّر الامر عالم السرّ و أخفى
.الحمد لله جابر الخواطر مغدق النعم القريب الكريم
.الحمد لله الستّير الاحد الفرد الصمد
اللهم ثباتا حتى نلقاك يا حيّ يا قيّوم





 سأشكُر ما بقيتُ لكم جميلاً ... أبُثُّه  بالّدّعاء لمن حباني 



وأُنشِدُ إن رُزِقتُ لكم قصيدًا ...يسطَّرُ بالمجامع من كياني
جزى الله خيرًا من ساعدني على إنشاء مدوّنتي        
"الحلّ إنّك تنجّم "            
#جؤنة_العطّار              




لا بأس بوقفة إنصاف مسائيّة  
و لترسلي نظرتك الحادة  تلك تجاهها ،نعم تجاهها هي علّها تثوب الى رشدها        فتتوقف،علها تكفّ عن تفانيها في امتثالها لرغبات محيطها
إغواء هضم الحق أوشك أن يفنيها أشيري بحركتك الخفيفة تلك دون ان تحرم لطفها: أن كفّي عن هضمك لحقّي فضلا
أنا لست مثلهم و لن أكون،دون بحث افضلية رجاءً، ذلك امر لم أُوكّلْ به و لا أُحيط به علما
كل ما في الامر اني لست مثلهم و قد سئمتُ إخفاء ملامح وجهي كي لا يؤذي بريقه !أعيُنا رمداء 
!سئمتُ كتم صوتي كي لا يؤذي من ابتلعوا السنتهم عنوة
!فليبلغ نشيدي أصحاب الأصوات المفزعة
!آن لخطاي ان تتحرر من سلاسل العُرج
اريد لنفسي ان تستعمل ما حباها الله به، سئمتُ كتم النعم حتى سلبها 

أريد استرجاع ابتسامتي دون رُهاب رؤيتها من قبل المتشائمين

أريد استرجاع  قراراتي الصارمة  دون الخوف من أذية المترددين
أريد استرجاع حقي في ان احلم و أنتظر من الله دون ان يضيق صدري بنمطية احلامهم و مقاييسهم التي لا ترضى الا بالظلّ و تحرقها خيوط الشمس
لا تخشيْ نظرات السخرية و الاستكثار عند شرحك لمبتغاك
هم قوم رضوا بانصاف الحلول لينعدم النصف البائسُ لاحقا

هم قوم يحسبون ان الجميع يجب عليهم ان يتجرع بؤسَ تجاربهم ظنا منهم ان لا خيار

و لتعلمي انّ هناك في المكان القريب أناسا يشّعون يُبدعون و يثمرون و يضيفون للبشرية ألوان الطيف باخلاصهم و صدقهم و استعمالهم لنعم الله عليهم
شكروا فعملوا ،ارتقوا، فابدعوا
و لتحذري ان يرواد شمسك الكسوف في مقبرة الذين "فما بكت عليهم السماء و الأرض"
فلتُعرِضي عنهم إذن ولتحلمي ..و ثقي انَّ في مكان ما هنا أو هناك سيكون الامر كما 

.شاء الله له ان يكون و مادام الظن فيه جميلا فالقادم أجمل ممّا يُتوقع. إن شاء الله.




                                                                                                    


    ممّا جادت به تجربتي : أنّ أولئك الذين يحترفون العطاء عادة ما يكونون صامتين    

العطاء جبلي فيهم : لم يتكلفوا الكثير ليمتهنوه : و لا يحدثون ضجّة أثناءه.   
.لا يغتنمون الفرص ليذكروك بما فعلوه من أجلك   

بل و يتقنون اصطياد الفرص ليكون عطاؤهم أكبر ما يكون و أخفى ما يكون   

لا يصدعون راسك بولولات إنجازاتهم من أجل الآخرين ،يمرون و تحسِب انهم لا    يبالون و هم قد بذلوا أضعاف ما تتصوره منهم

للّه درّهم يخشون ان تجرح عبارات اقتراحهم المساعدة مشاعرك فينمقونها و يرتبون صياغتها عشرات المرات

لا يريدون جزاءً و لا شكورا ، آه عفوا هم يريدون جزاء من نوع آخر: ابتسامة عريضة و إحساسهم بارتياحك و بازاحتهم لهمك و رفع ثقل على كاهلك

و عادة ما يُبتلى هؤلاء بان يُخمل ذكرهم و لا يعلو صيتُهم كيف لا و هم لا يتصدرون  المجالس ليتشدقوا بما وهبوا

و لا يصدّعون الرؤوس بحديثهم عن صدقاتهم و لا يبطلونها لا بمن و لا أذى

.للّه درّهم ما أجملهم

أستحلفكم بالله أن تثبتوا على ما أنتم عليه ،بالله عليكم لا تركنوا للمثبطين و المحبطين
اغرسوا الفسيلة في الليل و لا تنتظروا مدحا ممن يشاهدها صباحا
حافظوا على هدوئكم و ان اتهمتم بعدم الاتقان او السخرية او الاذية اللفظية 
بالله عليكم لا تحزنوا إن لم يعاملكم احد بالمثل و ان مُجّد امامَكم من لا يستحق شيئا مما ينسبه المتملقون اليهم 
جمّلوا عطايكم و اتقانكم باخلاص للجميل الخبير
انتم جميلون حقّا و ان بلت هيأتكم
انتم مهمون حقا و إن لم يبال بكم احد
انتم منجزون صدقا و ان اتهمتم بالفشل و التخاذل
كونوا كما انتم بالله عليكم و لا يجرفنكم السيل
.أحبّكم 


الكلّ يتقن التذمر من ضيق الوقت و صروف الدنيا و مشاغلها و كثرة الالتزامات تجاه العائلة والعمل و إخوة الدّين ،بغض النظر عن الحوادث الاستثنائية و الواجبات الطارئةكلها أسباب من شانها ان تشغلنا عن الذكر و عن الطلب


و لكنني اؤمن ايمانا جازما ان العيب فينا و ذلك بما كسبت أيادينا، أؤمن ايمانا جازما ان

الذنوب تحرم توفيق العبد للطاعة و ان من عدم توفيق الله للعبد ان تُسلط عليه كثرة المشاغل: فيبتلى بصروف دنيا و مشاغل تُلقى على قلب غافل فينطرح فيها و يتعب من المجاهدة ليستسلم و يُُلجم عن الذكر و عن التدبرفي حال شغله فينغمس بكل جوارحه فيما الهاه عن مغزى و جوده ..
ولو صادفت المشاغل قلبا حيّا غير مثقل بالذنوب لاستحالت الأعمال روضة من رياض الجنّة يفوح فيها عبق الذكر و الاستغفار و تلاوة القرءان و مراجعته: جسد عامل و قلب محتسب ذاكر مخمل.
و يعود البائس في آخر اليوم منهكا لا ذاكرة للحفظ ،و لا قدرة على التدبر ،و لا قدرة على التدوين .. حمار بالنهار جيفة بالليل!
أبأس أيّام حياتي : ايام كثيــــــرة من عمري أمضيتها بين غدو و رواح في أرجاء المنزل بقلب لاه و لسان مشلول .
غفر الله لنا سهونا و غفلتنا و ردّنا إليه ردّا جميلا



قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم : إن الله يبغض كل جعظري جواظ صخاب بالاسواق جيفة بالليل حمار بالنهار عالم بالدنيا جاهل بالاخرة. صحيح الجامع.


ومعنى جيفة بالليل: كناية عن كثرة نومه وخموله وعدم قيامه لصلاة الليل...
ومعنى حمار بالنهار: أنه بليد في فهمه، منهمك في عمله الدنيوي لا يلتفت إلى سواه من الطاعة والعبادة.. فإذا جاء الليل استلقى على فراشه وبقي كالجيفة إلى الصباح.

سبحان الذي اوحى فكان حديثه قرآنا : سكنُ النفوس و وزوالُ الهمّ و استعادةُ الطمانينة 

منه استمداد الحكمة و صفاء البصيرة و حسن الفهم و سداد الرأي و تهذيب النفوس و تزكيتها 
اغاثة الملهوف و سقاية الظمآن و ترياق هموم الدنيا و فتنها 
عدة الصابرين و انيس الخائفين و أهازيج القائمين 
امل اليائسين و فرج المكروبين و سلوى المخذولين و رفيق المعتزلين 
رقية المريض و انيس المستوحش و طارد الشياطين و شذى الرياحين 
في رحابه تقطف درر الفوائد  و انفس الحكم و تنجلي الغشاوة و تزول الشقاوة فتنعم بالصحبة و تغدقك النعمة
فلا تحسبن ان بحولك و قوتك تنال المنى و ترقى الى مراتب الأولى  فتحظى بالصفوة و تانس بالرفقة 
بل  ذلك فضل من الله و نعمة ،فضل الله يؤتيه من يشاء. 
فيا عبد الله سل الله ان يعينك على اخذه بقوة و ان يجعله ربيع صدرك و نور قلبك وجلاء همك و حزنك





ما بين راحتيها و على صدرها وضع راسه مرارا 

كان يداعبها باجمل العبارات و ارق الكنى 
لله دره لفت جميع الانظار اليه فتارة يحملها و تارت يقبل جبينها و تارة يرتب ملابسها مرددا "يل لميمة الغالية يا لميمة الغالية" 
كانت تجوب ارجاء القسم  بظهر محدودب و بنية هزيلة و يقيل عثرتها و يوجه خطاها رجل تجاوز الثلاثين من عمره 
كاغلب الوافدين على المستشفى هنا بحذاء مهترء و ملابس رثة تحكي انواعا من البؤس تدثرها ابتسامة فاقت الشكوى بلاغة!
 اشتد وجعها ،تقريبا كان يسالها كل دقيقة مم تشكو فتجيب بابتسامة تتكبدها ان لاباس عليها 
ساءت حالتها هرع الى الممرضات يطلب الاسراع في مناداتها. 
دخلت للطبيبة و الابن لا يدعها تخطو خطوة الا وقد التصق جسمه بجسمها في حركات تحكي برا فائقا .
اشارت الطبيبة ان لا بد لنقلها للاستعجالي و من ثم نقلها الى المستشفى الجهوي .
سمعت الام الكلام فابتسمت و اشارت ان هدئ من روعك و لا تقلق. 
انتفض الابن لوهلة قائلا "و الله لا اذرنّ امي تذهب إلى المستشفى سيء السمعة ذلك! 
هو تعب عمري و شقائي مئات معدودات أغدو الى المنزل لاحضر المال و أحمل امي الى مصحة خاصة في الساحل"
قبّل جبينها مرارا وهو يوصي الممرضات بها خيرا.وخرج مهرولا.
تدثرت المراة بازارها الاحمر و بدا كانها تخاطب احدهم ،
شخُص بصرُها بناحية عبوة الاكسجين  اغمضتهما و فارقت الحياة بهدوء دون عناء او حشرجة او صوت..
بعد محاولات الانعاش اليائسة اسلم الفريق الامر لله و غطّوا راسها بحركتهم المعتادة تلك وولى كل في حال سبيله .
لكنهم لم يعلموا ان الابن الملتاع سيدخل ليلهب القلوب الما.
دخل مسرعا يحمل نقوده وقنينة عصير و بعض المرطبات ،اتجه بسرعة للمكان الذي تركها فيه و عندما رآها خارت قواه فلم يطق حمل المال و لا العصير و لا المرطبات.
نظر الى لابسي البزات البيضاء يرجو الشرح او اعادة المحاولة او النجدة :هيهات ...طاطات الرؤوس تحكي عجزا لم يزل سمة لابسي البزات البيضاء امام قضاء الله و قدره.
اتجه اليها صاخبا :"ميمة  يا ميمة لم لم تنتظريني ؟؟
يا امي راني شقايا و عمري لا يسوي جولتك في ارجاء المنزل يا لميمة راك ضو عيني يا لميمة راكي ما شربتي شي و ما كليتي شي.
يا لميمة ستنيتي راني غسلتلك ساقيك ، يا لميمة راك باب الجنة..
خرج الكل من وحدته لنحيب الرجل الذي أبى الا ان يوقف الكل عما كان يفعل.
 لمحتُ وجوها مائلةَ الى الرمادية لا ادري اكانت رمادية المستشفى التي تطغى على كل الالوان و الايام هنا ام انّ الموقف الجلل زاد من حدتها ؟
ابن بارٌ بامه يتمنى رجوعها ليغسل ساقيها و يقبلهما مرارًا..
الكل قد تلقى الرسالة ،و على قدر التقصير كانت الوطاة اشد!
قسم الاشعة ،قسم التوليد ،قسم التحاليل، قسم المعاينة و الاستعجالي الكل تسمّر مُصغيا لنحيب الرجل الذي زلزل ارجاء الكون بمرارته  فأصمَّ المخلوقات الا عن شجنه و الارجاء الا عن صخب جرحه.
تمنيتُ مرارا ان يتوقف,,, لم تعد للنفس طاقةعلى الإنتحاب دون بنت شفة و على العويل دون ادنى انين!

غادرت المكان تاركتهما ورائي كسائر محاولاتي للهرب ،، ولم يبق في السمع الا عويله وفي البصر الا صورتهما و في الذهن الا تقصيري.
يومياتي


و أنا أصعد الدّرج لمحتُ أكداسَ الكتب في القبو..تذكّرتُ وَعيد أمّي "إمّا أن ترتبيها و إمّا أن أُلقيها."
كنتُ على يقين أنها لن تلقيها فهي تعلم أنّ كتب و كراسات أبنائها من الابتدائي الى الباكالوريا ، جوائزهم، قصصهم، دفاتر أعدادهم و لوحات إبنها ..كانت كلها هناك ..
لم أكن بمزاج جيّد البتّة بعد يوم صاخب في المخبر، لم اكن بمزاج جيد أبدا.. إلاّ أنني توجهت دون أن أدري الى الكتب جلستُ,, و بدأت الرحلة ..
شدتني ألوان الكراسات و اغلفة الكتب تذكرت جزم امي بتغليفها بغلافين حفاظا عليها
تذكرت عدم توفيقي في التغليف و اعتمادي الدائم على اخوتي الاكبر مني
لمحت خطي الرديء و تذكرت تكلفي في ترتيبه و تلك الالوان الكثيرة التي كانت تطغى على الصفحات ..و صور الفتيات و الورود التي كنت ازينها بها
تراءت لي عناية ابوي وحنانهما ..تكبّدا الكثير لنكون ما نحن عليه الآن
امّي ..تراءت لي كالشجرة المعمرة صامدة بهدوء ممتدة جذورها الى عمق الارض
كم كانت ايام المدرسة بريئة و جميلة رغم اضطهاد و ظلم بعض المعلمين :برد الشتاء .الاكف المتجمدة و الخوف من العصا..
و كم كانت أيام الثانوي مشحونة بالتجارب و الانجازات و الدروس التي خطت ملامح شخصيتي.. :صدق الأوفياء و طعن المقربين و اشراقة التفاؤل.
تذكرتُ المرضَ و الحزنَ و خيبةَ الامل و الضغطَ و فقدان الاحبة ..أنّى للقلم أن يُسطر ملامح او حتى طيف اشجان و افراح الماضي و الله انه لعاجز عن ذلك !
.. كتاب القراءة "الصّباح الجديد".. تذكّرت اول يوم دخلتُ المدرسة حصل لي تماما ما حصل لزينب :لم تغمض عيني و أنا أنتظر الصباح .."مازال الصُبح بعيدا يا زينبُ.".
تصفحتُ كتب الاولى فالثانية فالسادسة فالتاسعة اساسي فالباكلوريا و الجامعة ..سبحان الله
مضى قسطٌ مهم من عمري! ساةرني شعور بالرضا بما انا عليه نغصه عليه تقصيري في مجالات اخرى وانهالت
مالذي انجزته يا تُرى ؟مالذي قدمته ؟ تاملت كل هذا الاجتهاد و العمل الدؤوب و سهر الليالي؟
كم جف من قلم؟ كم أُنهك من كراس ؟كم أُنفق من وقت؟ و الى ما صرنا الآن ؟ و إلى أي مآل نسير؟؟
تُرى ماذا كانت النيةُ من كل ليلةٍ سهرتُها ؟ من كل وقت أُفني؟ من كل حزن و جهد بُذل؟ آلمني أنّني لم اتعلمْ حديثَ النبي صلّى الله عليه و سلّم" إنّما الأعمال بالنيات و إنّما لكلّ امرء ما نوى " في صغري و ما فقهتُ هذا الحديث الا مؤخرا و لازلت اجاهد نفسي كي اعمل به.
رمقت بازدراء تلك الجوائز التي كانت تُقدّم ُ لنا "قصص عبير" الماجنة و قصص بعض المؤلفين التونسيين التي لا تخلو من مواقف خدشت حياءنا على صغر سننا و بارك الله في اخي الاكبر اذا كان يرجع أمثالها للادارة ..
، نهضتُ..و لم انه الترتيب:
ربّما لانني اردتُ العودةَ الى رحلتي في الزمن البعيد مرّة أُخرى..
لعلّني اتعظ انّ أربعا و عشرينَ من عمري مضتْ!
لعلّني أعي إلى ما آنا ذاهبة إليه !
لعلّني أقرنُ كُلّ أفعالي بنيةٍ خالصةٍ لله !
لعلّني أحثُّ السيرَ في طلب علمٍ يُنتفع به !
لعلّني أتزودُ من الذي لا بُدَّ منه .
أمّا عن تلك العلاقات التي تجبرك على ان تجهد عقلك و سمعك و بصرك و ان تتحكم في عضلات شفتيك و عضلات عينيك و طريقة التفاتتك و طريقة تحركك و حتى في ضخ الادرينالين الى جسمك و حرارتك و نبضك ، ان تكون كائنا مبرمجا على ان لا يخطئ ،ان تكون ذلك الكائن الذي لا يجب و باي حال من الاحوال ان يقترف فعلا يمكن ان يؤدي باحتمال واحد بالمائة ان يزعجهم
هم كائنات مرهفة تحت خبث لئيم تتربص بك لابداء ردة فعل واحدة ،" ان لاباس ان اساتم لي و لا باس ان كان مردودكم دون المطلوب و لا باس ان كنتم دون المستوى فنحن الكائنات مرهفة الاحاسيس عالية الذوق راقية العيش نلتمس لكم عذرا و نعف عنكم
هذا العفو العبثي لقيط النشاة فالذنب لم يوجد  ليغفر لكن الغاية هي اظهار الحلم ، العفو القاتل الذي ظاهره تكرم و باطنه لؤم
اكره هذه العلاقات التي تجبرك على ان ترتدي اجمل ما عندك  و تخرج اجمل اوانيك و أن  تستحي من صراخ طفل صغير في المنزل،  تستحي ان مد يده لطبق الحلوى
تستحي ان فاحت رائحة حفاظته  و تستحي ان تطلب منهم ان يناولوك كاس ماء و انت تتمزق بين عشرات المهمات
تستحي ان تبدي دمعتك ان تاثرت لئلا يحسبوا انك حزين لوجودهم
و ان تبدي ابتسامة عريضة لئلا يحسبوا انك لا تراعي شعورهم
والكائنات المرهفة بدهائها المعتاد تتقن اظهار امتعاظها  بطريقة التهوين عليك او طريقة "لاباس لا مشكل" بان يضعوك في دائرة الزلل دون ان ترتكبه ،
اكره اولئك الذين يجبرونك على ان تحفظ المسافات و من ثم يعيبون عليك انك بعيد عنهم
اكره ذلك الجو الذي يجبرك على ان تتكلف مجاراة المواضيع التافهة و ان تحسب لكلماتك الف حساب و الا فحسابك عسير في الكواليس
 اما انت فلا باس ان حقنوك بزعاف سمهم  و ترد بابتسامتك المعتادة  فيثنون على هدوئك و طيبتك
تنتهي العلاقة بان تكون مجرد وقت اختناق تسعى لان يمربسلام باخف الاضرار و كفى
مجرد يوم كريه وضيع تخرج فيه بنتيجة معلومة مسبقا انك انت لا زلت دون المطلوب و لا زلت تكرر اخطاءك التي لا تعلمها اصلا و لا تعتبرها زللا اصلا و هم لا ينفكون يغفرون و يرضون بحالتك المزرية
لا تعدو العلاقة ان تكون مرتعا للتملق و المجاراة كي يمر الركب و لا تتولد المشاكل
اسال ربي ان يغفر لي و لهم


و ان يرزقنا احتساب كل لحظة اختناق 


                                              

 بسم الله مسبّب الأسباب ربّ التذكّر و النّسيان

                     أبت هذه الصّورة الا ان تكون سببا في استفزاز أناملي لاسطر مايلي 

أقبل شيخٌ كبير في السنّ يتهادى ..يتكئ على عكازه و يا ليته ينفعه إذ أوشك على الهوي مرارا ،لمحته من اول الرواق يمشي ملتفتا يمنة و يسرة كانه يتثبت من المكان و لسان حاله يقول أين أنا ؟ هل هذا هو المكان الصحيح..؟
دخل الرجل بخطاه الثقيلة و و الله ليهُمُّ المرء كلَّ هنيهة لادراكه خشية سقوطه .
سلّم الشيخ بتحية الاسلام بصوت جهوري "السلام عليكم و رحمة الله و بركاته"
ما اجملها من تحيّة " تحية طيبة مباركة "امر اذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم"
بادر الشيخُ قائلا بنياتي عندي تحليل ؟ تعطوني النتيجة؟
سالتُه يا حاج أين الوصل الذي قدمناه لك صباحا؟
اكفهر وجهه و علا صوته أي وصل؟ لم تعطوني شيئا ؟
استغربتُ... استبعدتُ احتمالَ عدم اعطائه الوصل اردفتُ: يا حاج الوصل اكيد في بعض جيوبك فتش عنه فضلا حتى اعطيك النتيجة.
صرخ يا بنتي ما عندي حتى توصيل..
أدركتُ ان لا فائدة.. سألته عن اسمه و هممتُ بالبحث في لائحة المرضى
تثبتُ من الاسم و العينة من زميلتي التي اكّدت مده بالوصل صباحا . ناولته النتيجة و جلست.
رمقها مطولا ثم قال هذه هي؟ اجبتُ نعم يا حاج تستطيع الدخول الى الطبيب الآن ..
اطرق و ادار ظهره مغادرا و هو يبحث في كومة اوراق يحملها
كان هذا الشيخ من بين أصحاب الامراض المزمنة أي انه تقريبا يزور المستشفى يومين في الاسبوع ،استغربتُ تصرفه الذي يوحي انه ياتي هنا لاول مرة .
بعد ساعة أقبل الشيخ و هو حزين و صوته يعلو ثانيا ..
يا بنتي الطبيب طلب مني نتيجة التحليل لمَ لمْ تعطيني اياها هداك الله ..هناك
أيقنتُ الامر ..
قد نال هذا المرض المريع من ذاكرة الشيخ المسن ..تكفلت احدى الممرضات وقتها بسائر امره و قد سالتْه مستنكرة : يا شيخ اليس لك ابناء ؟ اظن انه لا يجب عليك الخروج وحيدا؟
هناك فاضت عيناه ..أجابها رافعا سبابته " لا اله الا الله ...إنّا اليه راجعون ..عندي أبناء و بنات مثلكن و كلّ في حاله منشغل يا بنيتي ."
بعد انهاء المعاينة : نظر الى جمع الممرضات مبتسما و قال "أنا عجوز وبتُّ أنسى كثيرا لكننّي احبّ من احسن الي و اسال الله ان يذكرني به فادعو له,, ثبت الله اجوركن"
كلمات تهتز لها أوصال أولي الألباب.. سبحان الله.. وددتُ ان اصرخ في وجه ابنائه و بناته، ان أُخرج مامتلات به النفس من حنق ..ما بالكم ؟اين عقولكم ؟
باب ٌمن الحسنات مهدار ما بالكم زهدتم فيه ؟ أيُّ قلوبٍ تمتلكونها؟ أي داء و سُمٍّ تشربونه فأنساكم ابائكم؟ اين أنتم من وصية الله تعالى بهما؟ اين انتم من اويس بن عامر ؟امر النبي صلّى الله عليه و سلم عمرَا رضي الله ان يبحث عنه و ان يستغفرله و لابي بكر رضي الله عنهما.. و ما بلغ هذه المرتبة الا ببره بامّه؟ اين أنتم من ثاني احب الاعمال الى الله ؟ أين إنسانيتُكم ان ضيعتم دينكم؟؟؟ هداني الله و اياكم,,
 في رواق  لمحتُ بعض الاوراق الملقاة على الأرض.. و اذا بوصلِ الرجل و بعض صور أبنائه و احفاده قد سقطت منه دون ان يدري.
~يومياتي